يؤكد قانونيون ومختصون ان الاساءة التي يتعرض لها اشخاص بنشر صورهم على مواقع الكترونية دون علمهم هي جرائم يعاقب عليها القانون وفقا لاحكام الدستور.
ويلجأ ضعاف النفوس الى ارتكاب جرائم الكترونية من خلال نشر صور او مقاطع فيديو لأفراد دون إذنهم او علمهم بصورة مقصود بها المس بسمعتهم ، او انها تكون بحسن نية على احد مواقع (الفيس بوك ، او اليوتيوب ، او نقل الصور بواسطة البلوتوث) .
ويدعو هؤلاء القانونيون والمختصون من خلال لقاءات اجرتها معهم وكالة الأنباء الأردنية ( بترا ) الذين يتعرضون لاي نوع من انواع الجرائم الالكترونية الى اخذ حقهم القانوني باللجوء الى المحاكم كمحاولة لوقف مثل هذه الاساءات التي تتزايد عبر المواقع الالكترونية .
لم يخطر بمخيلة مربية الاجيال فاطمة ان ترى صورها دون حجاب تخرج من صالة العرس المحدودة لتنتشر عبر المواقع الالكترونية الى العالم من خلال (الفيس بوك) ، عندما كانت تعبر عن فرحتها بعرس احدى قريباتها ، ما سبب لها الحرج بين طالباتها ''واجهت موقفا محرجا لدرجة ان والد احدى الطالبات هاجمني على مقطع الفيديو '' .
ويدافع العروسان عن تصرفهما الذي احرج العديد من الأسر بانه يحق لهما وضع صور عرسهما على موقع ( الفيس بوك ) كونه اصبح ملكا خاصا لهما ونشرها بالطريقة التي يرونها مناسبة لهما .
ويؤكدان '' انه كان الأحرى بالنساء الحاضرات الاحتشام وارتداء الملابس اللائقة والابتعاد عن مكان التصوير '' .
وبتشنج تقول العروس التي ما زالت الافراح تسكن قلبها '' لا يحق للصديقات محاسبتنا على مقاطع الفيديو المأخوذة من العرس بعد مشاهدتها على موقع ( اليوتيوب ) .
الا ان استاذ الفقه واصوله بكلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور عبد المجيد الصلاحين يعتبر ان الامر لا يتوقف عند الاساءة ''ان هذا السلوك غير اخلاقي وفيه اختراق للخصوصية ، إذ لا يجوز تصوير اي انسان الا بموافقته''.
وينصح النساء المحجبات في مثل هذه المناسبات ان لا يخلعن حجابهن مستندا الى الحديث الشريف عن الرسول عليه الصلاة والسلام '' اي امرأة خلعت ثوبا في غير بيت زوجها فقد حرمت عليها رائحة الجنة '' .
ويجزم الدكتور الصلاحين ان تبادل الصور الخصوصية ووضعها على المواقع الالكترونية غير جائز داعيا من يضع صور الاشخاص دون اذنهم على هذه المواقع اتقاء الله بسمعتهم لان هذا التصرف ينم عن استهتار وعدم مسؤولية .
ويجد المحامي ايمن ابو شرخ انه من حق العروسين نشر صورهما طالما انها لا تتضمن اي اساءة او اهانة .
ويؤكد الزميل يحيى شقير ان نشر اي اساءة في احدى وسائل الاعلام سواء اكانت مرئية او مسموعة او مقروءة هي جريمة جزائية يعاقب عليها، بموجب المادة ( 73 ) من قانون العقوبات الاردني .
في الوقت الذي يؤكد فيه استاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور محمود الخوالدة ان هناك شخصيات بسيطة عفوية تسئ للغير عن غير قصد ومثل هؤلاء يجهلون تبعيات السلوك ونتائجه داعيا الى ان يكونوا اكثر نضجا في التعامل مع مثل هذه الامور .
ويقول الزميل شقير ان المادة( 85 ) من قانون العقوبات الاردني تنص على '' لا يعتبر الجهل بالقانون عذرا لمن يرتكب اي جرم '' مطالبا اي شخص تعرضت سمعته للتشويه اللجوء بموجب الدستور الاردني الى المحاكم للمطالبة بالتعويض حسب المادة (256 ) من قانون المرئي والمسموع '' كل اضرار بالغير يلزم قائله ، ولو كان غير مميز ، بالضمان ''.
وتتجاوب مديرية الامن العام مع مثل هذه القضايا التي بدأت تتزايد حيث خصصت شعبة في مديرية البحث الجنائي للجرائم الالكترونية وفقا للناطق الاعلامي للمديرية الرائد محمد الخطيب .
وتنظر هذه الشعبة بالشكاوى التي يتم التحقيق بها وتحويلها الى الحاكم الاداري لاتخاذ الاجراءات القانونية ، والطلب من الفاعل تقديم كفالة مالية لمنع التكرار .
ويبدي ابو صادق امتعاضه من تداول صورة خاصة مع زوجته على الهواتف الخلوية عبر خدمة البلوتوث بعد ان سرق هاتفه الخلوي ما عرضه لهجمة من اهل زوجته الذين اعتبروه غير اهل للحفاظ على سمعة زوجته وصون كرامتها .
ان القانون يعاقب على مثل هذه الاساءات لانه تتوفر فيها نية الاساءة والمساس بكرامة وشرف من يتم نشر صورته على اي من هذه المواقع ويعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون وفقا للمحامي ابوشرخ ، '' ويأخذ بعين الاعتبار مدى الضرر الذي لحق بالشخص المتضرر '' .
ويعتبر الخوالدة ان من يقوم بمثل هذه الاعمال صاحب شخصية ناقمة على المجتمع ، ويشعر بالنقص ليقوم بالتحرش بالاخرين .
ويؤكد القاضي العشائري الشيخ بركات الزهير ان قضايا تداول صور الاشخاص دون اذن مسبق عبر أي وسيلة اعلانية او الكترونية تحول للقضاء العشائري من قبل الحاكم الاداري الذي يتلقى شكاوى المتضررين بسمعتهم جراء هذا الفعل .
ويبين انه بعد اخذ البينات واقوال الشهود لتحديد حجم الضرر الذي لحق بالشخص ، يرفع قرار الحكم العشائري للحاكم الاداري لتنفيذ الحكم.
ويؤكد مصدر من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومصدر اخر في مركز تكنولوجيا المعلومات الوطني عدم اختصاص الوزارة والمركز بمثل هذه القضايا ، كما يقول مدير المصنفات في هيئة الاعلام المرئي والمسموع رسمي محاسنة ان المواقع الالكترونية خارج نطاق عمل الهيئة وقانون المرئي والمسموع .
ويتساءل ابو صادق والمربية فاطمة عن الجهة المسؤولة عن ضبط مثل هذه المخالفات ، بعد مراجعتهما لعدة جهات تتعامل مع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذين اعتذروا عن استقبال الشكوى لعدم الاختصاص .
ويبقى السؤال: على من تقع مسؤولية وضع القوانين التي تمنع ارتكاب مثل هذه الجرائم التي تتعرض لكرامة الاخرين وتنال من سمعتهم، والحد منها؟