عمان - تساءل مخرج العرض المسرحي التجريبي''حكاية جسد'' محمد بني هاني مساء امس على خشبة المسرح الدائري في المركز الثقافي الملكي ''كم من خيبة ومن أسى بمقدور هذا الجسد ان يحتمل؟''.
وسعى المخرج بني هاني الذي شارك في التمثيل الى طرح ذلك التساؤل وتسليط الضوء على ما يعيشه الانسان من مختلف صنوف المعاناة والويلات التي ترجع اسبابها في الاغلب الى الانسان ذاته، كان ذلك بشكل فردي مباشر من خلال ممارسة الانسان لمختلف اشكال العنف والاضطهاد تجاه الاخر او ما يقترف باسلوب جماعي نتيجة للحروب والاقتتال وما ترتكب فيها من ابشع الجرائم ومختلف اشكال الممارسات والانتهاكات التي تستهين بانسانية الانسان رغم المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية.
واستطاع المخرج من خلال استهلاله العرض بمرآة محطمة ورماد وعرض بصري لانسان يضج بالبؤس ومن خلال مشاهد درامية سوداوية مختلفة جسدها ستة ممثلين باداء صامت عبر الكواليس من ادخال المتلقي الى حالة القلق والترقب الغاية منها شحنه عاطفيا وتهيئته للولوج الى العرض المسرحي والاقتراب اكثر من فهم ذاته طارحا كل الاقنعة ليمارس البكاء على واقعه دون تورية.
ووظف المخرج مختلف التقنيات من نص وعناصر السينوغرافيا المختلفة والكوروغرافي والفيديو آرت و''الانستوليشن/فن التجهيز'' إضافة الى الاداء المتميز لفريق التمثيل متعدد الجنسيات واللغات لجعل المتلقى في حالة استغراق واندماج في العمل المسرحي ''حكاية جسد'' الذي يعتبر من مدرسة ''ما بعد الحداثة''، ليخرج فيما بعد مذهولا غارقا في التساؤلات باحثا فيها عن مكنونات ذاته الانسانية بعناصر ضعفها وقصورها التي قد تحيله في لحظة ما الى كائن له القدرة على ايقاع اكبر قدر من الايذاء حتى لو كان ذاتيا على نفسه.
وسلط العرض الذي يأتي ضمن فعاليات مهرجان الاردن الاول وحضره جمهور عريض وشارك فيه 11 ممثلا ستة منهم جسدوا العرض على الخشبة الضوء على حالات الضعف الانساني ومسائل صراع الهوية الذاتية والازدواجية مبرزا حالات مأزومة تخذل نفسها بعدم مواجهتها لذاتها ليلخص ذلك في طرح تساؤل آخر ''هل حين تغمض عينيك ليلا.
تنام'' ليختتم المشهد الاخير بعبارات يتمتم بها ''الممثل'' بني هاني ''كانت الدنيا شتا وكثير برد وكان كل ما اريده بتلك اللحظة كاسة شاي دافئة وخبزة ساخنة ومعلقة لبنة'' ليعكس بهذه المقولة زهد الانسان حين يعود الى نفسه مراجعا ما اقترفته الصورة الاخرى المعكوسة من المرآة لذاته.
وقال الممثل والمخرج بني هاني لوكالة الانباء الاردنية(بترا) ان ''حكاية جسد'' ترثي الحال المتردية التي وصل اليها الانسان المعاصر مشيرا الى ان عرضه يعتبر من النوع الذي يطلق عليه ''مسرح الواقع''.
وبين انه اعتمد في هذا العرض على بناء مقارنة بين النظرية والتطبيق بحيث ان كل المواثيق والاتفاقيات والعهود التي اتفقت عليها البشرية والتي تعكس مفاهيم انسانية رائعة تضرب بعرض الحائط على ارض الواقع، مشيرا الى انهم من خلال هذا العمل حاولوا رصد هذا التردي والعودة الى المراجعة من خلال طرح تساؤل ''هل نحن موجودون للموت ام للحياة''.
وقال ''ان حكاية جسد عرض انتهج التجريب الواعي على مستوى الشكل والمضمون، ويتنقل بين مجالات متنوعة من الفنون ويطرح موضوع الإنسانية والقهر والقمع الوجودي المتمثل بتسارع وتيرة الانشقاق ما بين الإنسان وأخيه الإنسان، وكم هو صعب أن تكون بشرا يا إنسان، هذا ما أردنا طرحه بظل وجودنا المتأزم''.
واعرب عن سعادته بالمشاركة في مهرجان الاردن الاول لا سيما اهتمام المهرجان باقامة عروض للمسرح التجريبي